27‏/05‏/2011

"الفيس بوك".. وراء طلاق بنات حواء المصرية! ..دراسة ترصد وفتاوى تحرم






علاء فاروق

"حالة من كل خمس حالات طلاق تعود لاكتشاف شريك الحياة وجود علاقة مع طرف آخر عبر الإنترنت من خلال موقع الفيس بوك".. ليست دعابة، لكنها دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، أكدها مارك كينان صاحب موقع (ديفووس أون لاين) المتخصص في مشكلات الطلاق، والذي قال: إن بيانات موقعه تشير إلى أن واحدة من كل خمس حالات طلاق تعود إلى الفيس بوك، الذي يكشف قيام أحد طرفي العلاقة بالدخول في دردشة مسهبة حول بعض الموضوعات الخاصة مع شخص ثالث.

كذلك أوردت تقارير إخبارية لوكالة "بي بي سي" أن موقع الفيس بوك ومواقع تواصل اجتماعي أخرى أسهمت في رفع معدلات الطلاق في بريطانيا، وذكرت أن العديد من الأزواج يقولون في مذكرات الطلاق التي يتقدمون بها إنهم اكتشفوا خيانة الطرف الآخر عن طريق هذا الموقع.
وزاد القضية اشتعالا بعض الفتاوى التي أطلقها بعض علماء الأزهر والتي تحرم الدخول على مثل هذه المواقع، وتطالب بمقاطعتها؛ تفعيلا للقاعدة الشرعية "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح".

مصل الوقاية

في تعليقها على فتوى التحريم، تقول إسراء عبد المعبود، متزوجة منذ خمس سنوات: نحن مجتمع الفيس بوك لنا تفكير مختلف قليلا عن تفكير من لا يعرفون هذه التقنية، لذا فمن الأولى على رجال الدين العمل على التوعية الدينية للشباب والفتيات، وإعطائهم المصل ضد هذه الأضرار بدلا من الفتاوى التي تضر أكثر مما تفيد.

وتضيف: المعايير الأخلاقية في التعامل مع هذه التكنولوجيا الحديثة هي الأساس وليس الفتاوى، فإذا كان موقع الفيس بوك أو ما يماثله من مواقع تستخدم في التعارف المحترم المبني على الأخلاق، فمن رأيي أنه لا مانع من ذلك.

وتشاركها الرأي ميار السعيد –طبيبة ومتزوجة حديثا– قائلة: أنا من محبي مواقع التواصل الاجتماعي، لكنى أحرص على معرفة من أضيفهم لقائمة تعارفي، وغالبا ما أضيف "بنات"، ولكي أحمي نفسي من الوقوع في أي خطأ أحرص على مشاركة زوجي في التصفح معي، ونتبادل النصائح والنقاش حول ما استجد على الموقع.

وعن تأثير هذه المواقع على الحياة الزوجية تقول: الحياة الزوجية أقدس من أن يدنسها موقع إلكتروني لا يقوم إلا على الصور المزيفة والحقائق المغلوطة، لكن كي يتجنب الزوجان أيا من هذه الملوثات فعليهما إحكام التعامل مع مثل هذه التكنولوجيا، وعدم إضافة أي شخص غير معرف لديهما حتى الأقارب، وكذلك عدم تصفح هذه المواقع بصورة فردية، لكن بمشاركة كل طرف للآخر، ليس من باب التضييق على بعضهما البعض، ولكن لإحكام التعامل مع هذه المواقع.

وتوضح رحاب فتحي، خبيرة تنمية بشرية، أن ظاهرة الطلاق ليس سببها الفيس بوك، وإنما هي ناتجة عن عدة أسباب منها: سوء الاختيار، والتسرع في الزواج من الطرفين، والفراغ العاطفي بعد الزواج، والانفصال الروحي داخل البيوت التي خلت من الرحمة والمودة اللتين تميزان الزواج الصحيح؛ مما يجعل الطرفين أو أحدهما يبحث حثيثا عن أي شيء يملأ هذا الفراغ، وللقضاء على هذه الظاهرة يجب معالجة الأسباب وليس النتائج.

لا للذكريات القديمة

ومن خلال معايشتها الواقعية لكثير من حالات الطلاق، توصلت نجلاء محفوظ – المستشارة الاجتماعية بموقع إسلام أون لاين- إلى أن زيادة نسبة الخيانات الزوجية من الجنسين تؤكد وجود خلل كبير في احترامهم لمفهوم الزواج، واحترامهم لأنفسهم؛ لأن الطرف الخائن لا يوجه طعنة لشريك حياته بقدر ما يطعن نفسه في الأساس.

وفي تعليقها على الدراسة التي تتهم الفيس بوك بالتسبب في انتشار حالات الطلاق، تقول: أظن أن هذه الدراسة فيها جزء من المبالغة، وأنه تم إجراؤها على عينة تعيش في مستوى اجتماعي وعلمي مرتفعين؛ لأنها رصدت الحالات التي تستخدم المواقع الإلكترونية، على الرغم من أن النسبة الكبيرة من الزوجات لا تعرف أصلا كيفية الدخول لمثل هذه المواقع.

وتؤكد الخبيرة الاجتماعية أن المجتمع الواقعي لا يقدم إغراءات تؤدي للطلاق، وأن الضعف في النفوس وليس في البيئة المحيطة، مشيرة إلى أن الملل حجة باهتة لإنهاء العلاقة الزوجية، ولا يؤدي إلى الانفصال، مستشهدة بملل العمل الذي لا يجعلنا نترك هذه الأعمال ولكن نسعى للتغلب عليه.

وتنصح الخبيرة الاجتماعية كل زوجين أن يسعى كل منهما لإشباع الطموحات العاطفية والحسية للطرف الآخر، وأن يحرصا على الاحترام المتبادل بينهما؛ حيث أثبتت الدراسات أن بعض الرجال يلجئون أحيانا للخيانة الزوجية ليس بحثا عن المتعة الجسدية، لكن لحاجتهم للاحترام لشخصهم وتوقيرهم، وهروبا من التوبيخ المستمر في محيط أسرته.

كذلك تنبه لأهمية التواصل اليومي بين الزوجين دون الالتصاق الذي يؤدي للملل، والتنوع في كل شيء بدءا من المعاملة حتى العلاقة الحميمية.

وفى تعليقها على فتوى تحريم المواقع الاجتماعية التي تسهل التواصل بين الجنسين، تقول: التحريم ليس هو الحل؛ لأن النسبة الكبرى من الخيانات لا تنشأ من الفيس بوك بقدر ما تنشأ عن الاحتكاك في العمل أو بين الجيران والأصدقاء، والأهم من التحريم هو تحصين الطرفين ضد داء الخيانة؛ لأن الحل ليس في القضاء على الأمراض لكنه في ابتكار العلاج.

توازنات طبيعية

"هذا يؤكد أن العلاقات الاجتماعية حدودها غير واضحة، وليس لها إطارات صحيحة".. بهذه المقولة يبدأ د.عمرو أبو خليل، مدير مركز الدراسات النفسية بالإسكندرية، حديثه موضحا أن النسبة التي ذكرتها الدراسة، والتي تقول إن موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" يتسبب في 20% من حالات الطلاق نسبة مخيفة تدل على عدم إحساننا استثمار التكنولوجيا الحديثة، كما تشير إلى عدم وجود وضوح في الرؤية للعلاقات الاجتماعية بين الأطراف وبعضها ومنها العلاقة الزوجية.

ويتابع: للأسف تشابكت العلاقات الإنسانية في مجتمعاتنا حتى ضاعت الحدود الفاصلة فيما بينها، سواء عن عمد أو غير عمد، وأدى ذلك التشابك وعدم الوعي بحدود كل علاقة وضوابطها إلى ظهور مشكلات جديدة؛ كالزواج العرفي و"السري"، والعلاقات خارج إطار الزواج، بالإضافة إلى العلاقات المثلية والشاذة، لذلك لابد من التدخل لإعادة ضبط العلاقات الاجتماعية بما يعيد للحياة توازناتها الطبيعية.

وبالنسبة لمشكلة الفيس بوك ودوره في تسهيل الخيانة التي يأتي بعدها الطلاق، يصفه أنه الأداة التي أظهرت هذه الأزمة في العلاقات الاجتماعية على أرض الواقع، وأنه مثل أي أداة نستعملها كسلاح ذي حدين إما أن نصلح به أو نفسد، وأن مقاطعته وتحريم الدخول عليه ليس هو الحل، لكن ضبط الدخول عليه هو الأولى.

خريطة طريق

وفي المقابل، يرى د.شحاتة محروس، المستشار الأسري، أن الفيس بوك -كغيره من وسائل الاتصال الإلكترونية- يسهل إقامة العلاقات بين الجنسين في أي وقت في الخفاء، وهذه ورطة اجتماعية للمجتمعات المحافظة، وبالتالي فلابد من إعادة النظر في استخدام مثل هذه الوسائل.

ويضيف أن كون شريك الحياة له علاقة مع شخص بآخر لا يعنى الطلاق، لكنه سبب من أسبابه، وهناك أسباب كامنة ومكبوتة في نفوس الطرفين لا يخرجها إلا مثل هذه المواقع، فكثير من الأسر يوجد بها العديد من المشكلات لكنها تتعايش معها وتتغلب على بعضها وتعيش "مستورة"، لكن الفيس بوك يجعل هذه الأسرار تخرج للعموم مما يصعب حل هذه المشكلات ويحولها إلى أزمات اجتماعية.

ويختم محروس كلامه بوضع خريطة لحماية الأسرة من الوقوع في شرك هذه المواقع، وتحصين نفسها من الخيانة الزوجية؛ قائلا: لابد أن يتوافر الوضوح والصراحة والحوار المتواصل بين الزوجين، والسعي الحثيث لحل المشكلات الصغيرة منها والكبيرة بشكل يومي، وسيجد الطرفان أن هناك مشكلات يمكن لهما بالنقاش والحوار الهادئ الوصول فيها لحل، وهناك مشكلات تحتاج لتدخل طرف ثالث قد يكون كتابا أو برنامجا تلفزيونيا أو عالم دين أو خبير علاقات زوجية.

وليس معنى هذا هو البعد عن التكنولوجيا الحديثة، ولكن الاستفادة منها بتوازن، فيمكن للطرفين أن يستثمرا هذه المواقع في علاقاتهما كتبادل رسائل الحب بينهما أو تبادل الحوار.

فتاوى منقوصة

"إذا منعناهم من الفيس بوك وأشباهه من المواقع، فهل نستطيع منعهم من الإنترنت والمحمول والعالم المفتوح وغيره؟".. بهذا التساؤل يبدأ الدكتور سعد الدين هلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، حديثه متعجبا من الفتاوى التي توصف بالتسرع في الحكم على الأشياء، موضحا أن المسألة أخلاقية وليست أزمة تكنولوجيا، ولابد من التحذير من اللغط وليس التحريم المطلق للأشياء.

ويؤكد: التراضي هو شرط صحة العقود وخاصة العقود المتعلقة بالغير، ومن هذه العقود عقد الزواج والذي يبدأ بشرط العلانية دلالة على عدم وجود الخفاء في أي معاملة بعد هذا العقد.

وفى تعليقه على فتوى تحريم هذه المواقع، يقول هلالي: التحريم يجب أن يكون لعلة واضحة وليس مجرد فتوى تصدر تحت تأثير ما، وبالنسبة لمجتمع الفيس بوك وغيره كان من الأولى حث أصحابه على الجميل من الأخلاق، ومراعاة حرمة الآخرين، وحرمة الحياة الزوجية بدلا من صدمهم بحرمة استخدام هذه التكنولوجيا، وأنا لا أتصور أنهم سيسمعون لهذه الفتاوى أصلا، بل ربما يتهمون أصحابها بالجهل بهذه التكنولوجيا وبالواقع والعصر الذي يعيشون فيه.

ويضيف أن الذين حرموا هذا الأمر نظروا إليه من زاوية واحدة سوداء وهي أنه سبب لانتشار حالات الطلاق، بينما لم ينظروا للزاوية الأخرى وهى ما قدمته هذه التكنولوجيا من فوائد، أليس الفيس بوك أيضا من أسباب اعتناق الكثيرين للدين الإسلامي، وكذلك تشغيل الكثير من الشباب؟!.

ويستكمل موضحا: هذا الموقع مجرد محادثة، وهذه المحادثة ربما تكون مشروعة وربما تكون غير مشروعة، فالحديث في حد ذاته ليس محرما أو مرفوضا، لكن المرفوض هو سياق الحديث إذا خرج عن مراعاته للآداب الشرعية.

صحفي مهتم بالشأن الاجتماعي.

الآن يمكنك الانضمام إلى جروب مجلة "حواء وآدم" الإلكترونية على الفيس بوك، للتعرف على آخر الموضوعات الاجتماعية التي تهم الشباب وأفراد الأسرة.
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1235340142476&pagename=Zone-Arabic-AdamEve%2FAEALayout
منذ أكثر من سنة · امسح مشاركة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق