26‏/05‏/2011

ربيع الثورة العربي يزهر في اسبانيا



هشام زيتوني - الجزيرة توك - اسبانيا

على غير ما جرت به العادة عندنا في بلاد العرب مند أمد طويل , أن نستورد من الغرب كل شيء ذي معنى أوغير ذلك ,من قاذفات القنابل وصواريخ الأرض- جو ,إلىرقصات الهيب هوب وأزيائها الخاصة التي اجتاحت بلداننا العربية في السنين الأخيرة . وبالمقابل فالشائع هناك عنالإنسان العربي - على الأقل كما تحب الصحافة الغربية أنتقدمه في أغلب الأحيان - أنه رمز الثراء الفاحش أو زير نساء أو إرهابي , أو ذلك الإنسان الجاهل القادم من كواكبأخرى ,الذي تفصله عن الحضارة سنوات ضوئية . وما نصيبه من الثقافة والعلم إلا كما كان لأسلافهم نصيب من علوم الذرة والفلك.

وهذه بالأحرى ,الصورة ماقبل المد الثوري في بلاد العرب ,أما التاريخ ما بعد الثورات العربية فقد بدأ يرسخ مفاهيم وحقائق جديدة, أقول صراحة إنها فرضت نفسها على العقل الغربي وأجبرته على تقبل واقع مختلف تماما ,مقارنة مع صور ذهنية وأحكام سابقة . كما فرضت على بعض مؤسساته الإعلامية اليمينية بصفة خاصة تقديم الخبر ثم الخبر اليقين الذي لم تستطع التلاعب بأغلب عناصره ومحتوياته أو تجاهله حسب أجنداتها السياسية في الداخل أو الخارج. قواعد لعبة باتت مكشوفة للعامة من المواطنين في الغرب , وبالخصوص فئة الشباب .الذي أدرك فثار على بعض القيم السياسية الغربية من أجل تغييرها ,وكمفاجأني الحديث الذي أجريته بالأمس مع بعض أعضاء حركة 15 مايو الاحتجاجية في إسبانيا ومطالبتها بما تسميه " الديمقراطية الحقيقيةالآن" حيث عبر شبابها عن الخداع الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام الإسبانية في تقديم أخبار الثورة العربية ,وشح المعلومات عن شباب الثورة العربي . ويذكر أن حركة 15 مايو نشأت عقب مظاهرات الأحد 15 مايو من هذا الشهر في عدة مدن إسبانية, كمدريد وبرشلونةوسرقسطة ومورسية وغرناطة ,استجابة لنداء تم تداوله عبر شبكات التواصل الاجتماعية . حيث تجمهر حوالي خمسة وعشرين ألف متظاهر في ساحة بويرطا ديل صول "بوابة الشمس" على غرار ما فعله شباب الثورة في ميدان التحرير في مصر و عواصم عربية أخرى , ورفع شباب الحركة مجموعة من المطالب من بينها رفضهم التام على اعتبارهم "بضاعة في أيدي السياسيين والمصرفيين "ومطالبين بمحاسبة المتسببين في الأزمة الاقتصادية التي تجتاح إسبانيا ,كما طالب المتظاهرون بإعادة النظر في القانون الانتخابي الذي يصفونه بـ "الفاسد". وعبروا عن استيائهم الشديد تجاه الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعيشها البلاد .

واستعرت قوة الحركة الاحتجاجية بعدما أصدرت مجموعة من الشخصيات الإسبانية من عالم الثقافة والفن والسياسة وبعض الأكاديميينوالنقابيين مايعرف بـ "النداء العاجل إلى المواطنين الأسبان من أجل المطالبة بالتغيير ومواجهة وضعية تهدد الديمقراطية والعدالة والرفاهية الاجتماعية في إسبانيا " .
وبالعودة إلى الحوار الذي دار بيني وبين أعضاء حركة 15 مايو الاحتجاجية كما تسمي نفسها , عبر لي أحد أعضائها الملقب "بألبيرتو" عنتشرفه العظيم بما تعيشه البلاد العربية من ثورات ضد ما أسماها "النظم السياسية الفاسدة" وقال إن حركة الاحتجاج هنا في إسبانيا تعتبر بمثابة امتداد طبيعي للحركة الثورية هناك, رغم اختلاف المقاصد والأهداف .وأكد لنا نفس المصدر أن المد الثوري قد تجاوز إسبانيا إلى بعض الدول الأوروبية الأخرى مثل إيطاليا وبروكسيل وصولا إلى أمريكا الجنوبية حيث بدأ شباب الأرجنتين بتنظيم صفوفهم لبناء تشكيلات موازية لحركة 15 مايو . كما طلب مني إيصال رسالته إلى شباب الثورة العربية من أجل خلق سبل لتواصل فيما بينهم حتى ولو كانت الرسائل باللغة العربية ,ويضيف مازحا "فالعم غوغل سيتكلف بذلك".

كل ذلك وسط حراسة أمنية من الشرطة الإسبانية التي ترصد من بعيد أنشطة الحركة الاحتجاجية الشبابية ,دون تدخل لقواتها أو قوات مكافحة الشغب أو اتهامهم بتخريب البلاد واختراقهم من قبل عناصر خارجية, لتبرير قمعهم و إراقة الدماء ,أو قصفهم بالراجمات والصواريخ ومحاصرة مدنهم والتنكيل بهم كما يفعل قذاذفة الدم ومن استأسدوا على شعوبهم من الحكام العرب .
شعور غريب ينتابني لأول مرة وأنا وسط شباب أوروبي اقتبس نفحة ثورة كرامة وحرية قادمة من الشرق العربي ,كنت أريد أن يرى أولئكالانهزامين والتيئيسيين العرب من الذين كنت كلما قرأت إحدى مقالاتهم المسمومة التي تتلذذ بجلد الذات العربية كلما ازددت حنقا عليهم وعلىأفكارهم الفاشلة التي لاهم لها سوى بث اليأس والإحباط ونشر الهزيمة النفسية لدى الشعوب العربية المغلوبة على أمرها ,كنت أريد أنيسمعوا كيف يعتز ويمجد هؤلاء الشباب الإسباني ثورة الكرامة العربية .

نعم ,إن أمتنا العربية والإسلامية بصفة عامة تمر الآن بمرحلة دقيقة ومفصلية في تاريخها وتطرح معها تحديات ومعركة فكرية كبرى, تبدأ بالقطيعة مع تلك الافكار الانهزامية والتيئيسية لروح الأمة ولا تنتهي إلا بتاريخ جديد لما قبل و بعد نجاح الثوراث العربية ,وتخليص الجغرافية العربية من براثن الظلم والاستبداد . ارفع رأسك أيها العربي واعلنها صيحة قوية . وقل "آخر إصداراتي ثورة عالمية" وألظ بها بعد ذكر الله كلمات في صبحك وعشيك وقل, أنا عربي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق