26‏/05‏/2011

صعوبة اختيار التخصصات الدراسية- من وجهة نظر مصرية



 

اختيار التلاميذ المصريين للتخصص الدراسي المناسب لا يخضع للرغبة فقط، بل ولشرط مجموع تخرجهم من الثانوية، الذي يعد العامل الرئيس للالتحاق بالكلية أو المعهد الذي سيلتحق به، في ظل وجود نظرة اجتماعية تصنيفية للتخصصات الدراسية.

 
يعد دخول الجامعة مشكلة كبيرة في مصر، وتبدأ هذه المشكلة منذ المرحلة الثانوية المنقسمة إلى قسم علمي وآخر أدبي. ويجب على التلاميذ أن يلتحقوا بأحدهما، حيث يدرس الطالب مواد تؤهله للدراسة الجامعية، والدراسة في القسم الأدبي تتيح أمام التلميذ مجموعة من الكليات، والعلمي يتيح هو الآخر أمامه مجموعة من الكليات الأخرى، إضافة إلى وجود بعض الكليات مشتركة لخريجي القسمين.
بعد المرحلة الثانوية يكون المجموع الذي يحصل عليه الطالب هو العامل الرئيس في تحديد أي الكليات أو المعاهد سيلتحق بها التلميذ. وهنا بالتحديد تكمن المشكلة، حيث أن دخول الكلية لا يكون  وفق رغبات الطلاب وميولهم، لكن وفق المجموع الذي يحصلون عليه في نهاية المرحلة الثانوية.
الاختيار المبكر
وغالباً ما تكون - لهذا السبب- مساحة الاختيار للطلاب الذين تكون درجاتهم منخفضة، قليلة للغاية وربما معدومة، ويكون الهدف من التعليم ليس أن يدرس الطالب ما يرغب في دراسته، لكن يدرس ما هو متاح أمامه حتى إذا كان لا يحب هذا المجال. البعض يدرس في الجامعة ليبحث عن وظيفة ما بعد الجامعة، والبعض الآخر لأنه لا يريد أن يكون دون تعليم جامعي، الذي يعد أيضاً جزءا من المستوى الاجتماعي. أما الطلاب الذين لا يجدون التخصص المناسب لهم، فلا يكون أمامهم إلا التعليم الجامعي الخاص على الرغم من ارتفاع تكاليفه بشكل لا يتناسب مع المستوى الاقتصادي لمعظم الأسر المصرية.
منذ المرحلة الثانوية كان عليَّ الاختيار، وكنت أرغب في دراسة الرسم أو الطب ولذا اخترت القسم العلمي رغم صعوبته. لكني لم أحصل على مجموع يسمح لي بالدراسة في الكلية التي أريدها رغم رغبتي في الدراسة بهذه الكلية، ما اضطرني إلى النظر في أسماء الكليات المتاحة خلال فترة معينة تسمح بها الحكومة.
"كم كبيرة هي الحيرة في هذه المرحلة، فقرار اختيار الجامعة سيبقى يرافقنا طوال حياتنا المستقبلية فيما بعد"وفي النهاية اخترت كلية الآداب قسم اللغة العربية. وعلى الرغم من حبي للغة العربية والشعر والقصص، إلا أنني لم أكن أنوي أن يكون هذا مجال عملي مستقبلاً، كنت أفضل أن أكون مصممة أو رسامة أو طبيبة. عندما تفكر في اختيار الكلية التي ستدرس فيها، يجب أن تترك رغبتك جانباً وتدرس الاحتمالات المتاحة وفق المجموع وظروف العمل وطبيعة الدراسة. أسرتي كانت تفكر معي في اختيار كلية يكون مجال العمل فيها متاحاً ومطلوباً في سوق العمل، لكني اخترت هذه الكلية فقط لأنهي مرحلة الحيرة ومن أجل أن أبدأ حياة جديدة في الجامعة.
وكم كبيرة هي الحيرة في هذه المرحلة، فقرار اختيار الجامعة سيبقى يرافقنا طوال حياتنا المستقبلية فيما بعد. ولذا نجد الكثير من الطلاب، الذين ينتقلون من كلية إلى أخرى بعد تعثرهم في الدراسة أو أنهم يجدون أن مجال الدراسة لا يتفق وتطلعاتهم للمستقبل.
"نظام التعليم لا يتماشى مع رغبات الشباب"
كان من الممكن ألا أتسرع وأن أظل لمدة عام أدرس اللغة وعلوم الحاسب الآلي وأي شيء آخر، وأن أتلمس الحياة العملية، وربما كان هذا سيسهل علي الاختيار فيما بعد، فهذه الفرصة متاحة في مصر. إذ من الممكن أن تحفظ فرصتك في التعليم الحكومي تأجيل الدراسة وأيضاً. الآن بعد تخرجي من الكلية أدرس الخط العربي في معهد حكومي، وفي نهاية دراستي التي تمتد لست سنوات سأدرس في الكلية التي أريدها، على الرغم من أن هذا الطريق ليس بالهين، لكنه يؤدي إلى ما أريد.
من أهم المشكلات التي  تواجه التعليم في مصر هي المرحلة الثانوية التي لا تعد مرحلة استفادة حقيقية، إذ أنها تفرض على الطلاب كليات معينة، وكذلك الجامعات نفسها التي يتم قبول الطلاب فيها بحسب المجموع وليس من خلال اختبارات قبول أو رغبات الطلاب. وأرى أنه من الضروري تغيير نظام التعليم في مصر ليتحول إلى نظام  يحقق للشباب رغباتهم وآمالهم وفق أحدث أساليب التقدم العلمي، مع وجود مجالات كثيرة ومتنوعة، وألا تتحول قوانينه إلى عوائق تحول دون تحقيق طموحات الشباب بل إلى قواعد منظمة للعملية التعليمية. المرحلة الثانوية لا تؤهل الطلاب بالشكل الكافي للاستعداد لدخول الجامعة ولا تحمل الكم الكبير من المعرفة والخبرات، فهي ليست سوى الدرجات التي يسعى الطلاب للحصول عليها لدخول كليات (كبيرة).
ولعل هناك مشكلة أخرى في الاختيار، وهي المجتمع الذي صنف الكليات إلى كليات قمة وكليات عادية وأخرى أقل مستوى. لا أدري من أين جاءت هذه الفكرة لكن تحت مسمى كليات القمة تأتي كلية الطب والهندسة وعلوم الحاسب الآلي والكليات العسكرية وغيرها، أما الكليات الأخرى مثل الآداب والتجارة والحقوق وغيرها هي كليات عادية. هذه النظرة المجتمعية التصنيفية للكليات تخلق نوعاً من العبء والضغط على الطالب أثناء اختياره للكلية التي يريد الالتحاق بها.

أميرة عيد
مراجعة: عماد مبارك غانم
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق