24‏/05‏/2011

نحو عهد ثقافي مصري جديد يستوعب التعددية في الفكر



آخر تحديث:السبت ,21/05/2011
القاهرة - “الخليج”

 “ورشة الزتيون” التي انعقدت مؤخراً في القاهرة وضمت نخبة من المثقفين المصريين جاءت على شكل حوارية مفتوحة مع وزير الثقافة المصري د . عماد أبو غازي حول مستقبل العمل الثقافي في المرحلة المقبلة، وتناول اللقاء أغلب القضايا المطروحة على الساحة ما قبل وبعد 25 يناير في ما يتعلق بإشكاليات النشر، وعدم تناسب الإمكانات المادية مع مبادرات التوعية، وأزمة الشارع المصري حول بعض المفاهيم الفكرية، والقضاء على ما يسمى بثقافة المهرجانات البعيدة عن عمق المجتمع وغيرها من القضايا الثقافية المهمة .

في هذا السياق تساءل الشاعر شعبان يوسف: ماذا ستفعل وزارة الثقافة في الظرف الحالي والذي نصطدم فيه كل لحظة بتحديات صعبة تسهم بفكرها الفاسد في تقهقر المجتمع وتخلفه، فكيف ستكون سبل التوعية وهل يمكن أن تنشأ لجان لهذا الهدف؟ وهل سيتم تفعيل المواقع الثقافية لتؤدي دورها المنوط بها في هذا الصدد .

المترجم د .فخري لبيب أشار إلى ضرورة الاعتماد على مشاركات الشباب في العمل الثقافي “نظرا لأن سقف طموحاتهم كبير وحماسهم متجدد، هذا الحماس الذي تراكم ودفعهم للتغيير وحشد الجموع نحو كسر التابوهات الفاسدة عبر الثورة الشعبية غير المسبوقة في التاريخ”، ثم تساءل د . لبيب: “كيف نبدأ عهدا ثقافيا جديدا، يستوعب التعددية في الفكر؟ عهدا لا يكون التفكير فيه بمنطق المطلق الأغلب المسيطر، والاتجاه الأوحد، فالتعددية لها من الثراء ما يخلق مجتمعاً متسامحاً واعياً” .

وقال لبيب: “إذا كنا قضينا على بعض الوجوه الطاغية، فإن هناك وجوها أخرى لم تزل موجودة مثل وجوه البيروقراطية، لذا فالمطلوب فعلا في المرحلة المقبلة المشاركة الجادة والحث عليها والبحث الجاد عن التغيير” .

وأشار الفنان د .سناء شافع إلى أننا لم نزل نعيش فراغا ثقافيا، وقال هناك خط أساسي لابد من العمل والاعتماد عليه وهو وجود مثقفين كبار كثيرين وكما يقولون فإن “مصر ولادة” فلماذا لا نركز على هؤلاء المثقفين لوضع استراتيجية لتثقيف الناس؟

د .سهير المصادفة رأت أنه “ليس هناك استراتيجية لتفعيل دور الوزارة، ما أدى إلى عشوائية في الأداء، وأن السمة المميزة لقصور الثقافة هي إصدار الكتب لذا فلابد من تفعيل باقي أنشطتها” .

ثم تساءل الناقد سيد الوكيل: ما حاجتنا للثقافة، ومن الذي يحدد هذه الحاجة، هل الظرف التاريخي أم المؤسسات الرسمية، أم الشعوب نفسها؟! وقال إذا أدركنا كنه حاجتنا للثقافة في إرساء طرق للتفكير تستوعب الحرية والتعددية فعلى جميع المواقع المسؤولة، وعلى المثقفين أنفسهم أن يتحركوا في اتجاه هضم جميع تيارات الفكر وإعادة تمثيلها، وتقديمها للتداول الاجتماعي وترسيخ مفهوم الهوية عبر رصد مجموعة من التشريعات، لأن هناك أزمة حقيقية في مفهوم الهوية يتراوح ما بين مفهوم عرقي أو ديني، ومصر تحديدا لا يصلح فيها تغليب أحد المفهومين لأن بها نسبة كبيرة من النوبيين، ومصر طول الوقت ابنة التاريخ، فلابد أن تقوم الهوية إذن على مفهوم ثقافي، يضمن مجموعة حريات من الاعتقاد والتعبير عن الرأي وأي منتج ثقافي لأي مجتمع هو بالضرورة تعبير عن هويته، وأن الثقافة الشعبية هي المخزن الحقيقي لإفراز الهوية، وقد فشلت ثقافة النخبة في تحديد هذا المفهوم لأنها موزعة بين تيارات فكرية واتجاهات، بينما الناس الذين يمارسون حياتهم بشكل طبيعي ليس لديهم عقد، ومن الأخطاء الجسيمة أن يتم تجاهل الثقافة الشعبية، ولكن لابد من التركيز عليها عبر إيجاد خطاب ثقافي يستوعب جميع التيارات، وكذا إيجاد لغة حوار مشتركة” .

ونصح الروائي عبدالوهاب الأسواني الوزير بأن يكون حاسما في قراراته خاصة بعد استجابته للقاء المثقفين للوقوف على أهم إشكاليات العمل الثقافي ومحاولة قراءة واقع الثقافة المصري جماهيريا، كما أشارت إحدى المشاركات في الورشة إلى ضرورة العمل على مستويين . . الأول تطهيري يتمثل في تطهير مواقع الوزارة المختلفة من الوجوه غير الفاعلة من العاملين البيروقراطيين الذين يهدفون فقط إلى زيادة حوافزهم ومكافآتهم من دون تقديم أي عمل جاد من واقع مهامهم المسؤولة في المواقع، والمستوى الثاني، التوعية الحقيقية بعيدا عن الفعاليات الشكلية التي تتكلف الآلاف والملايين من الجنيهات ولا يجني المجتمع من ورائها نتاجا ثقافيا حقيقيا” .

د .عماد أبوغازي أجاب عن جميع التساؤلات المطروحة خلال اللقاء، مشيراً إلى أن هناك تعاوناً جاداً مع قطاعات مهمة في مصر مثل وزارة التربية والتعليم، والإعلام والسياحة ووزارة التضامن الاجتماعي وغيرها من القطاعات المؤثرة لإيجاد آلية تعاون مشترك نحو تفعيل حقيقي للأداء الثقافي على مستوى جماهيري أكبر” . وفي ما يخص التعليم قال الوزير: هناك تعاون مع الوزارة في إطار كيفية تطوير المناهج وآلية تدريسها وفي ما يتعلق بالمفاهيم الخاطئة لدى الناس أو التعامل مع بعض الأفكار بطرق جامدة .

وعن النشاط الثقافي ذي المفهوم الأوسع والشامل قال الوزير: “التفكير الجدي الآن في كيف يكون هناك نشاط ثقافي به محتوى، مؤكداً أن أغلب المواقع الثقافية منتخبة، وسوف تُلغى فكرة الإدارة الفردية في ما يصلح لذلك من مواقع والخطوات الآن في اتجاه الإدارة الجماعية” .

واختتم أبوغازي حديثه بأنه يستقبل جميع الأفكار والمقترحات المقدمة له لدراسة تفعيلها، مع الوضع في الاعتبار العامل الزمني في ما يتعلق بتراكمات الأداء وآليات قديمة بعضها بلا جدوى والتحرك السريع والدقيق لوضع خريطة العمل الثقافي الحقيقي في إطار التفعيل والتنفيذ” .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق