15‏/06‏/2011

بالصور... مستوطنو سيناء يشعلون الحرب بين مصر و"إسرائيل"



السبت 11 يونيو 2011
بقلم: د. سامح عباس

بات من الواضح أن مصر بعد ثورة 25 يناير المجيدة أصبحت الهاجس الأكبر الذي تخشاه "إسرائيل" بعد نجاحها فى إسقاط أقوى الأنظمة العربية الداعمة لها فى منطقة الشرق الأوسط. وليس هناك شك أن تلك الثورة قد غيرت الكثير من المفاهيم والدلالات السياسية والعسكرية والاقتصادية فى العلاقات بين القاهرة وتل أبيب والتى تم تدشينها عقب التوقيع على اتفاقيات كامب دافيد للسلام بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الصهيوني مناحيم بيجين، هذا التغيير فتح الباب أمام الكثير التكهنات والتوقعات بإمكانية إلغاء تلك الاتفاقيات والعودة إلى حالة الحرب بين البلدين، وربما انعكس ذلك من خلال استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخراً فى مصر و"إسرائيل" والتي تشير إلى تراجع ملحوظ فى التأييد الشعبي من الجانبيين للإتفاقية الموقعة بين الطرفين فى آواخر سبعينات القرن الماضي.
ومن الملاحظ فى وسائل الاعلام "الاسرائيلية" فى الفترة الاخيرة أن هناك حالة من التحريض تقوم بها دوائر يمينية يهودية متطرفة تهدف إلى تصعيد الوضع الأمني على الحدود الدولية بين مصر والكيان الصهيوني، وقد لعب المستوطنون اليهود السابقون فى سيناء دوراً بارزاً فى هذه الحملة التحريضية وسط دعواتهم بضرورة إلغاء اتفاق السلام مع مصر وإعادة احتلال سيناء وعودة جميع المستوطنين اليهود إليها على اعتبار أن سيناء جزء من الأرض التاريخية لليهود. ولعل الندوة الأخيرة التى عُقدت فى الآونة الأخيرة بحضور عدد كبير من المستوطنين اليهود فى سيناء بمناسبة مرور 30 عاماً على إخلائهم وطردهم منها بعد التوقيع على اتفاقية كامب دافيد خير دليل على أبعاد المخططات والمؤمرات التى يحيكها المستوطنون اليهود حتى كتابة هذه السطور للعودة إلى أرض الفيروز.
ندم بيجين
شارك فى الندوة المشبوهة عدد من المسئولين وأعضاء الكنيست الذين يقودون حالياً حملة ضد وقف أية قرار يقضي بانسحاب قوات الاحتلال "الإسرائيلية" من أي أرض عربية محتلة، كما كان من بين الحضور عدد كبير من مستوطني مستوطنة "ياميت" أو عروس البحر الشهيرة فى مدينة العريش المصرية.
وخلال مناقشات الندوة كشفت عضوة الكنيست، جاؤلا كوهين، عن ندم رئيس الوزراء الصهيوني السابق، مناحيم بيجين، على توقيعه لإتفاق السلام مع الرئيس السادات، وأنه تكفيراً لفعلته قرر الحرص على ارتداء القبعة اليهودية فوق رأسه وإلتزامه بالتدين، وهو ما لم يكن يلتزم به قبل التوقيع على اتفاقية كامب دافيد.
بينما كشف الحاخام، إسرائيل أرئيل، الحاخام السابق لمستوطنة ياميت عن أمر شديد الخطورة وهو قيام أحد جنرالات الجيش "الاسرائيلي"، والذي كان مسئولاً عن تنفيذ عملية إخلاء المستوطنين فى ياميت بإعداد خطط عسكرية لإعادة إحتلال سيناء فى الوقت المناسب، والتي قام بوضعها بعد شعوره بالندم بقيامه بإخلاء المستوطنين اليهود من هناك. وأكد الحاخام اليهودي فى الندوة بقوله "أن اليوم الذي ستنفذ فيه تلك الخطط بات وشيكاً بعد ثورة 25 يناير" .
شوكة فى حلق "إسرائيل"
كما زعم الحاخام فى كلمته بأن "إسرائيل" خسرت كل شئ فى سيناء ولم تربح شئ، لذا عليها العودة إليها فى أسرع وقت ممكن، وضرورة زرع المستوطنين اليهود بها فورا تنفيذا لأوامر التوراة . وأضاف انه سيتم إصدار كتاب تذكاري جديد بمناسبة مرور 30 عاما على انسحاب آخر جندي "إسرائيلي" من سيناء بعنوان "سلام بدون سلام" يتكون من 600 صفحة من القطع المتوسط ويضم مجموعة من الخرائط والمشروعات التي تطالب الأحزاب "الإسرائيلية" بتنفيذها في سيناء .
وقال الحاخام الصهيوني أن السلام مع مصر ليس كنزا استراتيجيا ولكنه شوكة في حلق "إسرائيل". وها هي مصر بعد الثورة تقود اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس لتدمير "إسرائيل" وتفتح معبر لرفح أمام الفلسطينيين وما زالت الأنفاق تنقل السلاح إلى حركة حماس في قطاع غزة .
وأنهى الحاخام المتطرف كلمته بتأكيده على أن مستوطني سيناء لن ينسوها على اعتبار أنها جزء من أرض اليهود المقدسة، تلك الأرض التي أوصى بها الرب اليهود بإخضاعها لحكم "إسرائيل". وقال" كفانا 30 عاماً من خداع الذات فلن ينهض شعب "إسرائيل" إلا باحتلال سيناء وضمها لأراضينا تنفيذا لوصايا الرب".
استعدادات مصرية
وفى محاولة استفزازية لتوريط مصر فى حرب جديدة مع الكيان الصهيوني زعم أحد المستوطنين اليهود السابقين فى سيناء بأن مصر تعد العدة حالياً للدخول فى حرب دموية جديدة مع "إسرائيل"، وأن جيشها استغل فترة السلام لتأهيل نفسه واستعداده لتلك الحرب.  مشيراً إلى أن أرئيل شارون سعى إلى عرقلة الانسحاب "الاسرائيلي" من سيناء رغم أنه كان مسئولاً عن تنفيذه.
ولم تقف الاستفزازات "الإسرائيلية" إلى هذا الحد من الدعوات لإعادة احتلال سيناء، وهى الدعوات التى لم تبرز بهذا الشكل الجلي قبل ثورة 25 يناير ، بل وصلت إلى دعوة حزب "إسرائيل أرضنا" اليميني المتطرف إلى ضرورة إحتلال سيناء مرة أخرى وفوراً، لا سيما بعد ثورة 25 يناير نتيجة لما تمثله من خطر كبير على "إسرائيل" خلال سنوات العشر المقبلة .
تحريض عبر الانترنت
وفى السياق ذاته دعا الزعيم اليميني المتطرف حاييم بن بتساح فى مقطع فيديو تم بثه مؤخراً على شبكة المعلومات الدولية "الانترنت" إلى ضرورة  إلغاء اتفاقية السلام وإعادة احتلال سيناء، زاعماً أن ذلك سيعود على "الإسرائيليين" بالنفع من خلال الاستفادة ببترولها الذى سيضمن الطاقة للإسرائيليين لمئات السنين القادمة، أو الاستفادة منه فى بيعه بالسوق العالمية، مما يحقق أرباحاً تقدر بمليارات الدولارات كل عام، وسيؤدى بطبيعة الحال إلى ازدهار الاقتصاد "الإسرائيلى". 
وفى إطار السيناريو الخيالي الذي يعيشه قال المتطرف اليهودي " مع إعادة احتلال سيناء سيصبح بترولها ملكا لليهود مما سيحقق أرباحا بالمليارات، وكذلك الاستفادة من أرباح السياحة، وستكون لنا دولة كبيرة جدا وأكثر قوة مما نحن فيه".
زلزال ميدان التحرير
تلك التصريحات سالفة الذكر جاءت تزامناً مع افتتاح متحف جديد يوثق التواجد والاستيطان اليهودي فى سيناء، وقال رئيس المتحف شلومو فسرتايل: "لقد قررنا احياء ذكري الخراب في سيناء لأننا نظرنا حولنا ووجدنا أن الجميع نسي مستوطنة ياميت وغيرها من المستوطنات التي كانت في سيناء ، مثل مستوطنات بريئيل وجدوت وبري جان ودا ذاهاب ، كل تلك المستوطنات تم محوها وتحولت إلى رمال صحراء هل تتذكرونها ؟" مضيفا بقوله :" ياميت كان من المقرر لها أن تصبح مدنية متطورة وحديثة تضم ربع مليون مستوطن  ولها مينائها الخاص كانت ستصبح تلك المستوطنة مركزا للدفاع عن دولة "إسرائيل" إلا ان الخراب والدمار لحق بها بعد اجلائنا عنها ".          
 وأوضح فسرتايل فى تصريحاته قائلاً :" إننا في المتحف نريد تذكير الشعب الإسرائيلي بهذا القطاع من الأرض الذي أعطوه لأكبر أعدائنا ـ يقصد مصر ـ مقابل السلام " مضيفا :" إنني لا أسخر من اتفاقية السلام مع القاهرة لكن بعد شهور مما حدث في ميدان التحرير ، فإننا نفكر فيما اعطاه لنا المصريون وما أخذناه نحن في المقابل وما الثمن الذي سندفعه في المستقبل " على حد وصفه .
تلك التصريحات المتناسقة تكشف لنا أبعاد المخطط الصهيوني الجديد لإعادة إحتلال سيناء  فى ظل أجواء التوتر التى تعيشها منطقة الشرق الأوسط. وعلى خلفية تلك التصريحان ندق ناقوس الخطر ونوجه كلمتنا للقيادة المصرية إلى ضرورة رصد التحركات اتلاسرائيلية عند البوابة الشرقية للحدود المصرية، وأن الوضع جد خطير، وأنه يتعين على الحكومة المصرية العمل بأقصى سرعة على تنمية سيناء وتعميرها بالشباب للعمل فى مجالات حيوية، وليس السياحة فقط، لتكون الجبهة الأمامية لمصر لصد أي عدوان صهيوني غاشم، ولتصحيح أخطاء النظام السابق الذى أهمل تنمية سيناء متعمداً لعقود طويلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق