21‏/01‏/2012

الجيش الأبيض" وضربة موجعة لمخططات أوباما ونتنياهو في جنوب السودان


جهان مصطفى   |  21-01-2012 16:17

رغم أن الصهيونية العالمية نجحت في تقسيم السودان، إلا أنها لن تستطيع فيما يبدو أن تحصد سريعا ثمار انفصال الجنوب عن الوطن الأم، حيث جاء تجدد الاشتباكات القبلية في الدولة الوليدة ليربك كافة مخططات الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ، خاصة فيما يتعلق بنهب النفط هناك.

وكانت الاشتباكات القبلية تجددت في منطقة البيبور بولاية جونقلي في جنوب السودان منذ مطلع العام الجديد بين المورلي واللونوير بسبب النزاع على مناطق الرعي وتبادل اتهامات بسرقة المواشي وعمليات خطف نساء وأطفال، ما أودى بحياة أكثر من 3 آلاف شخص.

ولعل ما ضاعف من ذعر واشنطن وتل أبيب أن تجدد الاشتباكات القبلية لم يأت فقط بعد أيام قليلة من زيارة رئيس جنوب السودان سيلفا كير لإسرائيل في 23 ديسمبر الماضي وإنما جاء أيضا بعد انعقاد مؤتمر في واشنطن حول كيفية استغلال النفط في الدولة الوليدة.

هذا بالإضافة إلى أن قيام حكومة جوبا وقوات حفظ السلام الدولية في جنوب السودان بنشر قوات إضافية وخصوصا في المناطق التي تقطنها مجموعات من قبيلة المورلي لم يسفر عن وقف مسلسل الاشتباكات الدامي.

بل وكشفت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية في 19 يناير عن قنبلة مفادها أن مغتربين ينتمون لـ "اللونوير" يقيمون في الولايات المتحدة أكدوا أنهم جمعوا تبرعات لتمويل الغارة التي شنها مقاتلو القبيلة على "المورلي" في أول أيام العام الجديد وأسفرت عن مقتل أكثر من ألفي شخص وتشريد آلاف آخرين.

ووصف هؤلاء المغتربون - بحسب الصحيفة - الغارة بأنها نوع من الدفاع عن النفس لسد الفراغ الأمني الذي تسبب فيه برنامج لنزع السلاح جرى تطبيقه عقب انفصال الجنوب عن السودان، وقال ناشط من قبيلة اللونوير يقيم في مدينة سياتل بولاية واشنطن في هذا الصدد إنه جمع 45 ألف دولار من التبرعات لتمويل الهجوم على المورلي.



وتابعت "كريستيان ساينس مونيتور" أن ما بين ستة إلى ثمانية آلاف شاب من اللونوير يطلقون على أنفسهم اسم "الجيش الأبيض" بسبب ما ينثرونه من رماد أبيض على أجسامهم زحفوا أيضا نحو أراضي قبيلة المورلي وهم يحملون السكاكين والأسلحة الآلية ، واصفة ما يحدث بأنه أخطر تحدٍ يهدد جنوب السودان.

بل ونقلت الصحيفة الأمريكية عن "الجيش الأبيض" القول في بيان له بثه على الإنترنت إنه قرر غزو مناطق المورلي لمحوها من الوجود كليا، باعتبار ذلك الحل الوحيد لضمان أمن طويل الأجل لقطعان ماشيتهم.

وأضاف البيان أن العداء بين القبيلتين يعود إلى مئات السنين، موضحا أنه اندلعت عام 2009 صراعات ثأرية بينهما على قطعان من الماشية، ولكنها تراجعت عندما توحدت مواقف أبناء الجنوب في الاستفتاء الذي جرى يوليو 2011 وأفضى إلى انفصالهم عن الخرطوم.

وجاء في بيان "الجيش الأبيض" أيضا أن العام الماضي شهد مقتل أكثر من 1100 شخص وتهجير حوالي 63 ألفا من منازلهم، بسبب العنف القبلي في ولاية جونقلي، كما أسفر هجوم واحد فقط شنه مقاتلو المورلي على قرى اللونوير في أغسطس 2011 عن مقتل 600 شخص.

وبجانب البيان السابق، فإن ما يرجح أن الوضع في جونقلي – بحسب الصحيفة الأمريكية- في طريقه للاشتعال أكثر وأكثر أنه لا توجد حكومة فعالة في جنوب السودان، كما أن القبائل المختلفة في الجنوب تعيش في فوضى، الكل فيها ضد الكل، هذا بالإضافة إلى أن محاولات الكنيسة للوساطة بين المورلي واللونوير باءت بالفشل.

وانتهت "كريستيان ساينس مونيتور" إلى القول:" إن شركات النفط الغربية ومنها شركة توتال النفطية الفرنسية التي تملك امتيازات هائلة للتنقيب عن النفط في ولاية جونقلي مسرح الأحداث القبلية ستضطر إلى إرجاء استثماراتها هناك".

ويبدو أن رد الفعل الأمريكي على أحداث جونقلي يكشف حجم الصدمة التي أصيب بها أوباما الذي كان يعول كثيرا على نهب نفط جنوب السودان لإنعاش الاقتصاد الأمريكي ودعم فرصه في الفوز بولاية ثانية.

وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكى تومي فيتور أعرب عن انزعاج واشنطن البالغ إزاء الاشتباكات القبلية الأخيرة في ولاية جونقلي، داعيا في بيان صحفي في 19 يناير إلى الوقف الفوري لدوامة العنف الطويلة الأمد بين بعض القبائل في جنوب السودان، وخاصة المورلي واللونوير.

وبالنسبة لإسرائيل، فإن أحداث جونقلي جاءت بمثابة صفعة قوية لها لأنها تجهض على الأقل في المستقبل القريب مخططاتها الشيطانية لتحويل الدولة الوليدة إلى قاعدة صهيونية لتهديد استقرار السودان ومصر، خاصة أنها سارعت لتعيين عميل الموساد حاييم كورين ليكون أول سفير لها لدى جوبا.

وبصفة عامة، فإن انفصال جنوب السودان عن الوطن الأم لم يحقق الاستقرار المنشود لسكانه، بل جعله فريسة للمخططات الأمريكية والصهيونية الشيطانية التي تستهدف نهب ثروته النفطية بالأساس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق