21‏/01‏/2012

التجسّس عن طريق التحليل النفسي لشخصيات الزعماء ورؤساء الدول



التجسّس عن طريق التحليل النفسي لشخصيات الزعماء ورؤساء الدول  (1من3)
اهتمت الولايات المتحدة اهتماماً كبيراً بدراسة شخصيات الزعماء ورؤساء الدول الأجانب، وأسندت هذه المهمة إلى وحدة خاصة من وحدات وكالة المخابرات المركزية (C.I.A)، تتكون من علماء نفس وأطباء نفسيين مهمتهم وضع «تصور تشخيصي» نفسي يعطي وصفاً مختصراً لملامح شخصية ونفسية زعيم أو رئيس دولة ما، وهو ما يُعرف عادة بـ«البروفيل»، والهدف منه مساعدة صانعي القرار الأمريكي على فهم الكيفية التي يمكن أن يتصرف بها نظراؤهم في قضية أو أزمة ما.. ويستخدم صانع القرار المعلومات المتوافرة عن الشخصية التي يتعامل معها، بحيث تساعده في تكتيكات التفاوض أو المساومة أو الاستمالة أو التهديد أو تحريك أزمة ما. ويمزج المتخصصون في تصميم «التصور التشخيصي» لشخصية ما بين علم النفس وعلم السياسة، ويشكلون منهما هجيناً أو فناً يسمونه «نفسنة رؤساء الدول عن بُعد»، ويميزونه هنا عن الدراسة الإكلينيكية التي تحتاج إلى التعامل مع هذه الشخصية بصورة مباشرة.. ولا يلتقي مصمم هذا «التصور التشخيصي» بالشخصية التي يرسمها، ولا يُجري على عقل هذه الشخصية دراسة تمكنه من فهم القلق أو الصراعات المكبوتة التي تدور بداخله، وإنما يفحص بعمق كتابات وتصريحات الشخصية، ويعتمد على مصادر ثانوية تتعلق بحياته ومقابلاته مع أناس آخرين يعرفهم، ويبحث عن مفاتيح تكشف له عن اتجاهاته ودوافعه السلوكية. نظريتان هناك نظريتان تشرحان الكيفية التي تعمل بها السياسة الدولية.. الأولى: وهي نظرية «الرجل العظيم»؛ ترى أن الشخصية القوية للرئيس هي المحرك لسياسته الدولية، بينما ترى الثانية: أن شخصية الرئيس ذات أهمية ثانوية إلى جانب العوامل الإستراتيجية والجغرافية والاقتصادية. ويرى الباحثون أن فهم السياسة الدولية في ضوء إحدى النظريتين غير مفيد، وأنه لا بد من الجمع بينهما، ففهم السياسة الدولية في ضوء شخصية الرئيس لا يعطي صورة واضحة لهذه السياسة؛ لأن الدوافع الشخصية قد تكون ثانوية في معظم الحالات، كما أن النظرة إلى الرئيس على أنه «صندوق أسود»، وأن سياسة الدولة لا تُفهم إلا وفق العوامل الموضوعية والمصالح القومية نظرة تتجاهل دور الشخصية الفردية للرئيس.. ومن هنا، عُني الباحثون بتوجيه اهتمام العلماء والأطباء النفسيين إلى أنهم قد يخطئون في تحليلاتهم إذا أسقطوا من اعتباراتهم السياق الإستراتيجي والجغرافي والاقتصادي الذي يعمل الرئيس من خلاله. تحليل الشخصية والواقع أن معظم تحليلات شخصيات رؤساء الدول وغيرهم تركز على شخصية الرئيس، وكانت الوقائع التاريخية تؤيد ذلك، فكان الأباطرة والجنرالات عبر القرون يحاولون معرفة ما الذي يجري في عقول أعدائهم.. وقد قال «نابليون بونابرت»: «ليس هناك رجال محاربون في القتال، إنما هو الرجل.. ليس الجيش الروماني هو الذي عبر نهر «الروبيكون»، إنه القيصر». وكان المؤرخون يؤكدون دائماً دور الشخصيات العظيمة في إحداث التغيرات التاريخية، كما كان التركيز على الشخص يجد تأييداً عند الفلاسفة الأمريكيين؛ مثل «رالف والدو إيمرسون» الذي كتب في عام 1841م يقول: إنه «ليس من المناسب أن نقول: إن هناك تاريخاً، هناك فقط سيرة ذاتية». وفي العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، وضع «هارولد لازويل» (أبو علم النفس السياسي) أساساً مهماً في التحليلات النفسية للزعماء والقادة، حيث يقول: إن «القادة السياسيين يُسقطون حاجاتهم الشخصية على الحياة العامة، ويعطون عقلانية لأفعالهم على أساس ما يُعرف بالخير العام.. باختصار، إن القادة يعكسون صراعاتهم اللاشعورية ورغباتهم الداخلية على الواقع الخارجي، حتى في الشؤون الدولية». وهناك أمثلة عديدة لدور شخصيات القادة والزعماء ورؤساء الدول في الشؤون الدولية؛ فهناك شخصية الزعيم الألماني «أدولف هتلر»، والفيتنامي «هوشي منه»، والكوبي «فيدل كاسترو»، والسوفييتي «ميخائيل جورباتشوف»، والروسي «بوريس يلتسين»، والمصري «أنور السادات»، والصهيوني «مناحم بيجين»، والعراقي «صدام حسين»، والإيراني «الخميني».. وفي أيامنا هذه، ما زالت شخصية زعيم كوريا الشمالية «كيم إيل سونج» وشخصية ابنه «كيم جونج» تهددان باندلاع حرب نووية. وقد تركت هذه الشخصيات آثاراً كبيرة وخطيرة على السياسة الدولية، ولهذا كانت دراستها ووضع تصورات تشخيصية لها على درجة كبيرة من الأهمية. رؤساء الدول ذات النظام التسلطي تزداد أهمية وضع تصورات تشخيصية لرؤساء الدول في الأنظمة التسلطية بالنسبة للأمريكيين، فهم يرون أن البرلمانات ووسائل الاتصال الإخبارية والأحزاب السياسية كلها أبواق للرئيس، وأن الجيش هو ذراعه الأساسية.. أي أن شخصية الرئيس هنا محورية وذات تأثير قوي على سياسته الدولية. إن مزاج «فيدل كاسترو» على سبيل المثال يمكن أن يحدد أنه بإمكانه أن يحارب حرباً شرسة إذا انهارت الشيوعية الكوبية، كما كانت عقلية «صدام حسين» تحدد إمكانية دخوله في حرب مع جيرانه ومع العالم. وعلى مستوى الاتحاد السوفييتي السابق، هناك «فلاديمير شيرونوفسكي» المفرط في الاعتزاز بالقومية، والذي كان يتحدث كثيراً عن إذلاله المبكر، فكان يعلن أن «عصر الوهن السياسي قد انتهى»، وهذا - في رأي المحللين الأمريكيين - أمر يعوق توجه روسيا نحو الديمقراطية. وقد صمم الأمريكيون تصوراً تشخيصياً لعقلية زعيم كوريا الشمالية «كيم سونج»، فرأوا أن النظرة إليه «رسمياً» تقوم على أساس أنه «المخلص، والأمل الأبدي، والأب المحب لكل الشعب، ونجم الخلاص والمجد، والشمس العظمى، والبطل القومي المنتصر دائماً، والقائد الفولاذي العظيم». ووصفت صحيفة «واشنطن بوست» شخصية «كيم» الابن - قائد رابع أكبر جيش في العالم - بأنه «رجل مدلل وغير ناضج، يميل إلى الحفلات الصاخبة، وإلى العنف، والعلاقات الجنسية». وقال «برنت سكوكروفت» مستشار الأمن القومي في إدارة «جورج بوش» الابن، حينما طلب قراءة التصور التشخيصي لـ«كيم» الابن: «إنه رجل يحب ضرب النساء، ولا أرى فيه شخصية مكتملة الرجولة، ولهذا يحاول أن يثبت هذه الرجولة في تعامله المتسم بالقسوة مع الجيش». وتعني هذه التحليلات النفسية للأمريكيين أنه حينما تُوضع حسابات الطبيعة النفسية لـ«كيم» الابن في الاعتبار، يتبين أنه «شخص متهور، يمكن أن يصل بالأزمة النووية الحالية إلى حد الخطر». لكن هناك رأياً آخر يرى أن وكالة المخابرات يمكن أن تؤدي خدمة نفيسة لصانع القرار، إذا كانت تصوراتها التشخيصية أكثر دقة ومتجاوزة الحدود الدعائية للزعيم الكوري؛ لأن مثل هذه التصورات يمكن أن تؤدي إلى كارثة إذا لم تكن حساباتها دقيقة.. ويرى أصحاب هذا الرأي أن سجل الوكالة في هذا المجال ليس مشجعاً. والحقيقة أن هذه التصورات التشخيصية لم تحقق نجاحاً كاملاً، أو إخفاقاً كاملاً.. وكما أثنى صانعو القرار السياسي على بعضها، هاجمها آخرون بشدة. نتائج غريبة مع ظهور التحليل النفسي لـ«سيجموند فرويد»، تولّد بُعد جديد للـ«بيوجرافيا» أو «السيرة الذاتية»، تتمثل فيما يُعرف بـ«البيوجرافيا النفسية»، وتعني فهم ما يجري في عقل شخص ما من خلال دوافعه اللاشعورية، ورغباته، وصراعاته الداخلية. وقد دشن «فرويد» بداية هذا البُعد الجديد في دراسة له عام 1932م عن الفنان «ليوناردو دا فينشي»، كما اشترك مع آخرين - خلال العام ذاته - في تأليف مجلد عن «وودرو ولسون»، بدت نتائج هذه التحليلات مرتكزة على بيانات تأملية وهزيلة بشدة. كما كانت بعض نتائج الجهود الأولى في التحليل النفسي للشخصيات التاريخية غريبة.. ففي عام 1913م، قام المحلل النفسي «هانز شاس» بتفسير حلم رجل الدولة الألماني «أوتو فون بسمارك»، وتوصل إلى نتيجة مؤداها أن «وراء رغبات «بسمارك» في هزيمة النمسا وتحقيق وحدة ألمانيا خيالات عن انتصارات شهوانية»، وهذه نتائج يراها الباحثون غريبة! «أدولف هتلر» سيطر «التحليل النفسي الفرويدي» على العلماء والأطباء النفسيين في الولايات المتحدة بعد تدفق المهاجرين النمساويين والألمان إليها، وكانت شخصية «أدولف هتلر» هي الشخصية التي استُخدم في دراستها البعد «الفرويدي» الجديد. وفي عام 1942م، أصدر «وايلد بل دوفان» رئيس مكتب الخدمات الإستراتيجية في زمن الحرب (OSS) التابع لوكالة المخابرات أمراً سرياً بدراسة شخصية «هتلر»، وكان الباحث الرئيس في جماعة الدراسة هو المحلل النفسي «والتر لانجلر»، ونُشرت نتائج هذه الدراسة في عام 1972م، بعد أن أزيلت منه صفة السرية، تحت عنوان «عقل أدولف هتلر». توصل «لانجر» إلى أن «هتلر» كان «سيكوباتياً عصابياً»؛ بمعنى أنه «شخص منحرف عن السلوك السوي، وسلوكياته مضادة للمجتمع وخارجة عن قيمه ومعاييره ومثله العليا». وأعاد «لانجلر» النظر بصورة شاملة في المعلومات الخاصة بـ«هتلر»، كما أجرى مقابلات مع الذين التقوا «هتلر» شخصياً.. وقد أُجريت الدراسة في زمن الحرب، ووفق فترة زمنية محددة، وهي لا تعكس بالطبع التطورات المتلاحقة التي حدثت في علم النفس، كما أنها لا تضم تفاصيل عن هذا الجمع الهائل من الوثائق حول «هتلر». ورغم هذا القصور في الدراسة، فقد كانت أشبه بكنز ثمين يتضمن تفصيلات وتحليلات حول شخصية «هتلر» وبعض التنبؤات الدقيقة عنه؛ حيث أوضحت الدراسة أنه كلما تعرضت ألمانيا لهزائم متلاحقة زادت عصبية «هتلر»، وكانت كل هزيمة له تُفقده ثقته بنفسه أكثر وأكثر. كان «هتلر» يشعر بأنه غير محصن، وكان يخشى من هجوم رفقائه عليه، وكان هذا سبباً في شدة غضبه؛ فكان يحاول تعويضه بالشدة والقسوة المتزايدة. ورأى الباحثون أن «لانجلر» كان مصيباً في اعتقاده بأن «هتلر» سوف ينتحر، لكنه لم يكن هناك من دليل على أن «روزفلت» وكبار القادة قد قرؤوا تقرير «لانجلر». «نيكيتا خروشوف» شجعت دراسة «لانجلر» وكالة المخابرات المركزية على الإشراف على تقويمات نفسية عرضية خلال عقدَيْ الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كان أكثرها تأثيراً هو التحليل الذي تم إجراؤه على شخصية «نيكيتا خروشوف» زعيم الاتحاد السوفييتي الأسبق. كان الرئيس «جون كيندي» مستغرقاً في قراءة بروفيل «خروشوف» قبل لقاء القمة معه في «فيينا»، وكما يصف المؤرخ «مايكل بيشلوس» في مؤلفه «سنوات الأزمة» أن الوكالة حذرت «كيندي» من أن «خروشوف» قد يحاول تضليله. وصف التصور التشخيصي «خروشوف» بأنه «ممثل لاذع لا يمكن كبح جماحه، يوضح وجهات نظره بنوع خاص من الدعابة الكبيرة، وهو في الوقت نفسه مقامر ومراوغ، وخبير في العديد من أوجه الخداع».. ولكن النقاد يرون أن الدراسة أغفلت الجانب الآخر من شخصية «خروشوف» المهمة، وهو أنه «الإصلاحي الذي أنهى الستالينية، وبدأ في انفتاح الاتحاد السوفييتي على العالم الخارجي». وقد كان الرئيس «جون كيندي» قارئاً شرهاً للتصورات التشخيصية لرؤساء الدول، ويقول الخبراء في ذلك: «عرف رجال الوكالة أن اهتمامات الرئيس منصبّة حول الأسرار الجنسية للقادة الأجانب، وجذب اهتمامه بصفة خاصة حادثة إطلاق رئيس البرازيل «جوا جولارت» النار على عشيق زوجته حتى الموت». «السادات» و«مناحم بيجين» هناك تصورات تشخيصية نفسية تقليدية برزت في سنوات الرئيس «جيمي كارتر»، وقد ثمّن في مذكراته التحليلات التي أُجريت على الرئيس المصري «أنور السادات» ورئيس الوزراء الصهيوني «مناحم بيجين»، التي ساعدته في الإعداد لمهمته التاريخية في الوساطة في محادثات السلام في «كامب ديفيد» عام 1978م، وظلت هذه التصورات التشخيصية النفسية سرية حتى بعد وفاة صاحبَيْها. يقول «وليم كاندر»: «إن بروفيل «بيجين» ركز على حدته الشخصية، وركز كذلك على رغبته غير المشكوك فيها في الوصول إلى تسوية لقضايا بعيدة عن المحور الأيديولوجي، ولهذا كان الوصول إلى تسوية بخصوص سيناء التي تحتلها «إسرائيل» أمراً ممكناً، أما الضفة الغربية فلا». واسترجع «كندر» عند إعداده لبروفيل «بيجين» إشارة تدل على مرونته حتى في الأوقات العصيبة، تمثلت في جرأته حينما كان قائداً لعصابة الأرجون الصهيونية؛ حيث أصر «بيجين» أن يكون آخر من يترك السفينة الحربية «آلتالينا» التي اشتعلت بنيران «إسرائيلية»، ولكنه وافق بعد ذلك على مغادرتها بإلقاء نفسه منها إلى البحر. مهندس التصورات التشخيصية كانت مجموعة الباحثين الذين وضعوا التصورات التشخيصية لكل من «السادات» و«بيجين» غير معروفة كثيراً، لكنها مجموعة أنشأتها الوكالة في أواخر الستينيات تحمل اسم «مركز تحليل الشخصية والسلوك السياسي»، وعُرفت أخيراً بـ«مركز علم النفس السياسي»، وأُنشئت خصيصاً لتصميم تصورات تشخيصية لخدمة صانعي القرار. أسس المركز وأشرف عليه «جيرولد بوست» الطبيب النفسي المدرَّب في جامعتَيْ «ييل» و«هارفارد»، الذي حصل على تدريب متقدم آخر في مدرسة «جونز هوبكنز» في الدراسات الدولية المتقدمة. كان «بوست» هو الذي ألف وأدار التصورات التشخيصية لمباحثات «كامب ديفيد»، ويعمل الآن أستاذاً ومديراً لبرنامج علم النفس السياسي في جامعة «جورج تاون». قضى «بوست» واحداً وعشرين عاماً في الحكومة يعمل في تخصصه بجد واجتهاد، وأدخل المنهج التكاملي في تحليلات القيادة، الذي جمع فيه بين الأطباء النفسيين، وعلماء النفس، وعلماء السياسة والمتخصصين في الثقافة وعلم «الأنثروبولوجيا». واكتسبت التصورات التشخيصية التي أشرف عليها «بوست» سمعة خاصة في أنها مسلية وليست جافة كتلك التحليلات الأخرى الخاصة بالوكالة، وقد وصلت هذه التصورات التشخيصية إلى المستويات العليا في الدولة. وعُرف المعمل الذي يعمل فيه «بوست» داخل أروقة وكالة المخابرات بأنه «معمل السحر»، وكان يُنظر إلى «بوست» نفسه على أنه «ملاكم بيروقراطي عنيف، يعمل على تطوير مهنته». وقال المدير الأسبق للوكالة «ستانسفيلد تيرنر»: إن تصورات «بوست» التشخيصية عن «السادات» و«بيجين» أعجبت «كارتر»، وهذا ما شجعه على أن يطلب استمرار هذا العمل. إسهامات تاريخية كان «بوست» موضع تقدير؛ لأن مدخله في دراسات القيادة كان أكثر جدية، كما أنه أشرف على العديد من الدراسات على حالات فردية بصورة مكثفة، وحاول أن يكشف الغطاء عن الديناميات النفسية للقائد أو الرئيس الذي يعمل في بيئة سياسية، كما كان مهتماً بدراسة سلوكه وأشكال تفاعلاته، ورغباته، وحاجاته الشعورية واللاشعورية. هذا إلى جانب تركيزه على دراسة تاريخ الشخص، والأحداث الرئيسة التي عاشها في طفولته وما وراءها، ولهذا فإن «بوست» أكد أهمية الحصول على معلومات كافية حول السنوات التشكيلية الأولى للقائد أو الرئيس، مؤمناً بأهمية هذه المعلومات، لإدراكه أن الهوية السياسية للشخص تتكون عادة في مرحلة المراهقة. كان «بوست» يعيد النظر في أحاديث القائد أو الرئيس وملاحظاته وكتاباته وقيمه، وحاول أن يحدد أهم العوامل التي تحدد استجاباته.. كما كان يرسم خريطة لأفعال القائد عبر الزمن: كيف كان يتصرف في الأزمات الماضية؟ هل كان سلبياً أو متهوراً؟ ما رد فعله في المواقف الضاغطة؟ وما دوافعه الأساسية للحفاظ على السلطة؟ هل يريد أن يضع بصمة لنفسه في سجل التاريخ؟ هل يريد أن يكون محبوباً عند الناس؟ وكان يرى أن الهدف هو تحديد اتجاهات وليس وضع تنبؤات، حيث يقول: «إنك يمكن أن تجمع معلومات ضخمة عن شخصية ما، بحيث تجد نفسك قد دخلت في عقل هذه الشخصية». «بوريس يلتسين» تتبع «بوست» تاريخ الزعيم الروسي «بوريس يلتسين» منذ الطفولة، فقال: «كان «يلتسين» يعرّف نفسه عبر هؤلاء الذين يعارضونه».. وأكد «بوست» أنه قد وجد هذه السمة عند «يلتسين» عبر تحليله لسيرته الذاتية، وأشار إلى أنه «رجل متعجرف لا يطيق معارضة أحد له، وينظر إلى من يتحدونه على أنهم أغبياء، كما ظهر اتجاهه التسلطي بصورة واضحة في مواجهته الدموية لمعارضيه في البرلمان الروسي»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق