01‏/11‏/2011

منظمات غير حكومية تُعلن نهاية عهد إفلات الطُغاة من العقاب في سويسرا

http://www.swissinfo.ch/ara/detail/content.html?cid=31391520

بعد إتهامه بإرتكاب جرائم حرب، تم إستدعاء الجنرال السابق جاغاث دياس (يسار) إلى العاصمة السريلانكية كولومبو في شهر سبتمبر2011
التعليق على الصورة: بعد إتهامه بإرتكاب جرائم حرب، تم إستدعاء الجنرال السابق جاغاث دياس (يسار) إلى العاصمة السريلانكية كولومبو في شهر سبتمبر2011 (AFP)
بقلم :  سايمون برادلي- swissinfo.ch

تقدّم تغييرات أدخلت على التشريعات السويسرية خِـيارات جديدة لمُـلاحقة الأشخاص الذين يُزعَـم بارتكابهم جرائم حَرب. ولكن، وحَسب قول أحد الخُبراء القانونيين، لا تزال سويسرا بِحاجة إلى تطبيق هذا القانون بالشكل الصحيح.


ويتحدث بينيديكت دي مورلوز، وهو محامٍ سويسري يعمَـل في منظمة تريال TRIAL المعنية بـ "مكافحة الإفلات من العقاب" TRIAL غير الحكومية مع swissinfo.ch حول برنامج المنظمة الجديد لِمحاربة إفلات الجُناة والمُحرّضين على الجرائم الدولية الأكثر خطورة ومَـن يتواطَـأ معهم، من العقاب في الكنفدرالية، وعن الأسباب التي أدّت لأن يُـصبح العالم أكثر ضيقاً لِمُرتَكبي الإنتهاكات ضد البشرية.

ويرى دي مورلوز بأنه يتعيَّـن على سويسرا كذلك اتّباع مُبادرات الدول الأخرى في إنشاء وحدة فدرالية تكون مسؤولة عن التحقيق في جرائم الحرب الدولية.

swissinfo.ch: لماذا قُـمتَ بإنشاء برنامج خاص لمكافحة الإفلات من العقاب في سويسرا هذا العام؟

بينيديكت دي مورلوز: هذا يعود إلى عددٍ من التطوّرات التي حدثت في الآونة الأخيرة، والتي تَمَثَّلت بِبَدء سريان بنود جديدة في القانون الجنائي السويسري والتغيرات العالمية الحاصلة منذ إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وعدد من المُبادرات القضائية الوطنية العالمية - كقرار مجموعة من الدول بالتحرُّك ضدالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خارج أراضيها.

وقد شعرت منظمة "تريال" بأن الوقت المناسب قد حان، للإنتقال بالأمور إلى المستوى التالي والتركيز على القضايا الموجودة في سويسرا.

ما هي هذه التغييرات القانونية الأخيرة؟

بينيديكت دي مورلوز: في عام 2001، قامت سويسرا بالمصادقة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (وهي المعاهدة التي أنشِئت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية والتي اعتُمِدَت في روما عام 1998 ودخلت حَيِّز التنفيذ في 1 يوليو 2002، و يُشار إليها إختصاراً أيضاً بِنِظام روما)، وكَيَّفت تشريعاتها في هذا المضمار، منذ ذلك الحين.

ومنذ غرة يناير 2011، أُدرِجَت الجرائم المُرتَكَبة ضدّ الإنسانية في القانون الجنائي السويسري. وبالنتيجة، أصبح تعريف جرائم الحرب الآن أكثر دقّـة، كما صار مجال التطبيق على جريمة الإبادة الجماعية أوسع نطاقاً.


وينعكس التغيير المهِـم الآخر، في نقل المسؤولية الفدرالية لإتخاذ الإجراءات ضدّ هذه الجرائم من نظام القضاء العسكري إلى مكتب المدّعي العام الفدرالي السويسري.

كذلك أُسقِط الشَرط القانوني الذي ينُـص على وجوب إمتلاك المُتَّهم لِعلاقات وثيقة مع سويسرا، كأن تكون لديه عائلة أو إقامة ثانوية في الكنفدرالية. وهكذا، يمكن إخضاع أيَّ شخص مُتَّـهم بإرتكاب جرائم حرب خطيرة يسافر عبر سويسرا أو يُخَطِط للقدوم إليها، إلى التحقيق الجنائي.

ومن الواضح بأن "التِّـرسانة القانونية السويسرية" اليوم، هي أكثر خطورة لمثل هؤلاء، حيث تُواجِه أي شخصية سياسية مسؤولة عن إرتكاب مثل هذه الجرائم، مجازَفة أكبر في إخضاعها للعدالة.

هل السلطات الفدرالية مُجهّـزة لملاحقة مثل هذه الحالات؟

بينيديكت دي مورلوز: لا توجد هناك وِحدة فدرالية تتولّـى مسؤولية التحقيق في جرائم الحرب الدولية. ولكن هناك دولٌ كهولندا والنرويج والدانمارك وكندا - وفرنسا قريباً – تملِـك وحدات خاصة مؤلّـفة من المُدَّعين العامين ومُحققي الشرطة والخبراء في مجال الهِـجرة، ممَّـن يقومون بِتَبادُل المعلومات بينهم، وهم يَحْصلون على النتائج. فمن مجموع 24 حُكماً صدر مؤخراً عن جرائم دولية، كان 18 منها ثمْـرة تحقيقات قامت بها مثل هذه الفِرَق الخاصة.

وينبغي على سويسرا إنشاء وحدة كهذه. وحالياً، لا يوجد سوى شخصين أو ثلاثة من النيابة العامة مِمّن أنيطت إليهم مسؤولية التحقيق في جرائم الحرب. وهم يعملون بدوامٍ جزئي في مكتب المدّعي العام الفدرالي. إنهم يبذلون جهوداً كبيرة، ولكن هذا لا يكفي.

كما يتوجّـب على سويسرا تَخصيص موارد تُطابق طموحها، حيث يوجد الكثير مما يَستوجب عمله هنا، ليس ضد الأفراد فحَسْب، ولكن أيضاً ضد مجموعة من الشركات المتعدّدة الجنسيات، التي تتخذ من سويسرا مقرّاً لها والتي تقوم بإنتهاك حقوق الإنسان خارج أراضي الكنفدرالية.

ما مدى سهولة إختباء من يُزمَع بقيامهم بإنتهاك حقوق الإنسان في سويسرا حتى اليوم؟

بينيديكت دي مورلوز: من المؤكّـد بأنه كان بإمكان المجرمين العيْـش في سويسرا سابِقاً، دون الحاجة إلى القلق. وما تزال القضية الشهيرة لرجل الأعمال الرواندي فيليسين كابوجا، الذي كان مطلوباً من قِبَل المحكمة الجنائية الدولية لرواندا بتُـهمة تمويل ودَعم الجماعات السياسية والمليشيات التي ارتكبت جرائم الإبادة الجماعية في هذا البلد، ماثلة للأعيان. وكان كابوجا يحمل تأشيرة سويسرية في عام 1994 ولم تتِـم محاكمته من جانب سويسرا، ولكنه طُـرِد منها بالنتيجة.

ومنذ الحُكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية السويسرية ضد فولجنس نيونتيسي، المُتَّهم بالإشتراك والتحريض على الإبادة الجماعية في رواندا في عام 2001، لم يُتَّـهم شخص آخر بالقيام بجرائم دولية في الكنفدرالية.

ويُلزِم القانون السويسري هيئات اللجوء والادعاء الفدرالية على التواصل فيما بينها، وهو أمرٌ ينبغي أن يكون تِـلقائياً عند بروز شكٍّ بارتكاب جرائم. ولكن هذا الإجراء، لا يحدث بشكل منتظم أو إن النواب العامين يقومون بإسقاط القضايا عندما تصبح الملفات في حَوزتهم.

نحن نملك هذا القانون الحديث، ولكن يَتَعَيَّن على السلطات تطبيقه كما ينبغي.

ما هو ردّ فعلك على القرارات الأخيرة الخاصة بجاغاث دياس، النائب السابق لسفير سريلانكا في ألمانيا وسويسرا والفاتيكان؟

بينيديكت دي مورلوز: إنَّها قرارات مشجّـعة للغاية، وهي تُظهِر بأن سويسرا مُستعدّة لِحماية حقوق الإنسان، وهي إشارة قوية بهذا الصّدَد. ولكن ما ينقُص هنا، هو بيان صادر عن السلطات حول ما سيحدُث في المستقبل، وبأنه من غير المُمكن حصول مُجرمي الحرب المزعومين، على مَنصب دبلوماسي.

ما تزال سريلانكا تعارض أي تحقيق دولي في جرائم الحرب المزعومة خلال مرحلة نهاية النزاع عام في عام 2009. كيف ترى تطوّر هذا الأمر؟

بينيديكت دي مورلوز: من الواضح بأنَّ الجانب السريلانكي لم يفعل شيئاً في هذا الإتجاه. و لكن، ومن خلال النظر الى إجراءات دولٍ ومنظمات غير حكومية أخرى، يتولَّـد لدينا شعور بأن الأمور تتطوّر وبأن مكافحة الإفلات من العقاب في سريلانكا تمضي قُدُماً.

وفي الولايات المتحدة، تمّ رفع دعوى مَدَنية قبل شهر واحد فقط ضدّ الجنرال السيريلانكي شافيندرا سيلفا، الذي يشغل منصب نائب سفير سريلانكا في الأمم المتحدة في نيويورك، بتهمة إرتكاب فظائع.

وقبل بضعة أيام فقط، طالبت جماعات حقوقية وأعضاء في البرلمان الأسترالي، حكومة بلادهم بالتحقيق في الإشتِـباه بتورّط ثيسارا ساماراسينغ، المبعوث السامي لسريلانكا في أستراليا، بجرائم حرب عندما كان قائداً في سلاح البحرية السريلانكية خلال المراحل الأخيرة من الحرب الأهلية ضد متمرِّدي التاميل.

ومن الآن فصاعداً، ينبغي أن لا يشعر المسؤولون العسكريون السابقون، الذين يشغلون اليوم مناصب دبلوماسية، بالكثير من الراحة.

سايمون برادلي-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق